الفرق بين اللزوجة والتوتر السطحي

الفرق بين اللزوجة والتوتر السطحي

تُعد خصائص السوائل من المواضيع الأساسية في الفيزياء والكيمياء، حيث تُستخدم لفهم سلوك السوائل في العديد من التطبيقات العملية في الحياة اليومية والصناعة. من بين الخصائص المهمة التي يتم دراستها في هذا المجال، يأتي كل من اللزوجه و التوتر السطحي، وهما مصطلحان يتناولان سلوك السوائل ولكن من جوانب مختلفة. في هذا المقال، سنستعرض كل من هذين المصطلحين بشكل مفصل ونوضح الفرق بينهما.

ما هي اللزوجة؟

اللزوجه هي مقياس لمقاومة السائل للتدفق أو مقاومة الانزلاق الداخلي بين جزيئات السائل. بمعنى آخر، هي خاصية تعكس كيف “سميك” السائل أو كيف يقاوم السائل الحركة. فكلما كانت اللزوجة عالية، كلما كان السائل أكثر سماكة وكان من الصعب عليه التدفق. مثال على ذلك هو العسل الذي يتمتع بلزوجة مرتفعة مقارنةً بالماء.

تتعلق اللزوجة بتفاعل جزيئات السائل مع بعضها البعض. في السوائل ذات اللزوجة العالية، ترتبط الجزيئات ببعضها البعض بقوة، مما يجعلها تتحرك بصعوبة أكبر. أما في السوائل ذات اللزوجة المنخفضة، فتصبح الجزيئات قادرة على الانزلاق بسهولة أكبر، مما يسهل حركة السائل.

وحدة قياس اللزوجة

تُقاس اللزوجة بوحدات مختلفة حسب النظام المستخدم. في النظام الدولي للوحدات، وحدة اللزوجة هي الباسكال-ثانية (Pa·s)، لكن في العديد من التطبيقات العملية تُستخدم وحدات مثل المللي بواز (mPa·s) أو البواز (P).

اللزوجه لها تأثيرات مهمة في العديد من العمليات، سواء في الطبيعة أو في الصناعات. على سبيل المثال، في صناعة السيارات والطيران، تستخدم محركات السيارات والزيوت ذات اللزوجة المحددة من أجل تقليل الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة وزيادة الكفاءة. كما أن اللزوجة تؤثر أيضًا على طريقة انتقال السوائل في الأنابيب والتطبيقات الهندسية الأخرى.

ما هو التوتر السطحي؟

التوتر السطحي هو القوة التي تؤثر على سطح السائل وتجعله يتصرف وكأن السطح مغطى بغشاء مرن. هذه القوة تنشأ بسبب التفاعلات بين جزيئات السائل، حيث أن الجزيئات الموجودة في السطح تتفاعل مع الجزيئات الأخرى في السائل ولكن بنوع خاص من القوى التي لا تتوزع بشكل متساوٍ في جميع الاتجاهات كما هو الحال داخل السائل.

إحدى الظواهر الناتجة عن التوتر السطحي هي القطرات، التي تظل على شكل كرة بسبب التوتر السطحي الذي يُحاول تقليص المساحة السطحية للسائل قدر الإمكان. وبسبب التوتر السطحي، فإن الحشرات مثل خنفساء الماء قادرة على السير على سطح الماء دون أن تغرق، حيث تشكل طبقة الماء السطحية حاجزًا مقاومًا للغمر.

وحدة قياس التوتر السطحي

يُقاس التوتر السطحي بوحدات القوة لكل وحدة طول، ويتم التعبير عنها بوحدات نيوتن لكل متر (N/m) في النظام الدولي للوحدات.

الفرق بين اللزوجة والتوتر السطحي

1. الطبيعة والسبب:

• اللزوجه تتعلق بمقاومة السائل للتدفق أو الحركة الداخلية، وهي مرتبطة بتفاعلات الجزيئات داخل السائل نفسه.

• أما التوتر السطحي فهو يتعامل مع قوى الجذب بين جزيئات السائل عند سطح السائل، مما يؤدي إلى ظاهرة تتمثل في محاولة السائل تقليل المساحة السطحية.

2. التأثيرات:

• اللزوجة تؤثر بشكل رئيسي على تدفق السائل وكيفية انتقاله عبر الأنابيب أو الفجوات.

• التوتر السطحي يظهر في تأثيرات سطح السائل مثل الشكل الذي تأخذه قطرات الماء على الأسطح، أو قدرة الحشرات على السير فوق الماء.

3. التطبيق في الحياة اليومية:

• اللزوجة هي السبب في أن العسل أو الزيت ينساب بشكل أبطأ من الماء، كما أنها تؤثر في كيفية تدفق السوائل في الأنابيب أو المضخات.

• التوتر السطحي هو المسؤول عن العديد من الظواهر الطبيعية مثل تكوُّن القطيرات وسهولة غمر بعض المواد في الماء.

4. علاقة اللزوجة بالتوتر السطحي:

بينما تركز اللزوجة على مقاومة التدفق داخل السائل، يركز التوتر السطحي على القوى التي تعمل على سطح السائل. فحينما تكون اللزوجة عالية، قد يؤدي ذلك إلى زيادة التوتر السطحي، ولكن هناك العديد من الحالات التي يمكن أن تكون فيها اللزوجة والتوتر السطحي غير مرتبطين مباشرة.

كيف يتداخل التوتر السطحي واللزوجة في التطبيقات؟

هناك العديد من التطبيقات حيث تتداخل اللزوجة والتوتر السطحي معًا في تحقيق الأداء المثالي للمنتجات أو الأنظمة. في صناعة الطلاء على سبيل المثال، يجب أن يكون التوتر السطحي للطلاء مناسبًا حتى يتوزع بشكل جيد على الأسطح، في حين أن اللزوجة تؤثر على كيفية تدفق الطلاء عبر الفرشاة أو الرشاشات.

في العلوم البيئية، تعتبر التفاعلات بين التوتر السطحي واللزوجة حاسمة لفهم كيفية انتقال الملوثات في المياه أو كيفية تكوين قطرات المطر. وفي الطب، يمكن أن تؤثر اللزوجة والتوتر السطحي للسوائل الجسدية في عملية تدفق الدم في الأوعية الدموية، مما ينعكس على فاعلية المعالجة بالأدوية.

تطبيقات في الصناعة والتكنولوجيا

1. صناعة الأدوية:

تتطلب العديد من التركيبات الدوائية مثل المراهم، والكريمات، والحقن أن يتم التحكم في اللزوجة والتوتر السطحي لضمان امتصاص فعال في الجسم. اللزوجة تؤثر على كيفية تدفق الأدوية عبر الأجهزة والأنابيب في أثناء عمليات الإنتاج، في حين أن التوتر السطحي يتحكم في كيفية توزيع الأدوية في الجسم عند الحقن.

2. صناعة المواد الاستهلاكية:

العديد من منتجات التنظيف تعتمد على التوتر السطحي للمساعدة في إزالة الأوساخ من الأسطح، حيث أن السطح يلتصق بالأوساخ ويزيلها بشكل أكثر فعالية عندما يكون التوتر السطحي منخفضًا. وفي الوقت نفسه، اللزوجة تتحكم في كيفية تدفق المنظف عبر الأسطح أو عبر الأنابيب.

3. الهندسة الميكانيكية:

في أنظمة نقل السوائل، مثل مضخات المياه أو الوقود، تُستخدم تقنيات التحكم في اللزوجة لضمان الكفاءة وتقليل استهلاك الطاقة. التوتر السطحي أيضًا يلعب دورًا في تحديد كيفية تفاعل السوائل مع المواد الأخرى في النظام، مثل الأنابيب والواجهات.

4. صناعة الطعام:

تستخدم مصانع الغذاء اللزوجة والتوتر السطحي لضبط عملية التصنيع، مثل في صناعة المربى أو الصلصات، حيث تؤثر اللزوجة على كيفية سريان المواد من خلال الآلات والمعدات، بينما يعمل التوتر السطحي على تشكيل المنتجات بشكل مرغوب فيه.

خلاصة

يمكن تلخيص الفروقات بين اللزوجة والتوتر السطحي في أنهما خصائص ترتبط بسلوك السوائل لكن بطرق مختلفة تمامًا. اللزوجة تتعلق بكيفية مقاومة السائل للتدفق داخل نفسه بسبب تفاعلات بين جزيئاته، بينما التوتر السطحي يختص بالقوى التي تؤثر على سطح السائل وتجعله يتصرف كما لو كان مغطى بغشاء مرن. لكن رغم هذه الفروقات، فكل من اللزوجة والتوتر السطحي يلعبان دورًا حيويًا في تحديد كيفية تصرف السوائل في مجموعة واسعة من التطبيقات العلمية والصناعية.